فصل: ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ شُهُودِ الْعِشَاءِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف



.ذِكْرُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ شُهُودِ الْعِشَاءِ:

1894- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ، فَيَحْتَطَبَ ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلَاةِ، فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا، فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يُجِدُ عَظْمًا سَمِينًا، أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ».

.ذِكْرُ تَخَوُّفِ النِّفَاقِ عَلَى تَارِكِ شُهُودِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ، وَأَنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ:

1895- حَدَّثَنَا عَلَّانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا عَنْتَرُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا صَلَاةٌ أَثْقَلُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةِ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا، وَلَوْ حَبْوًا». وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: كُنَّا مَنْ فَقَدْنَاهُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ أَسَأْنَا الظَّنَّ بِهِ.
1896- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا مَنْ فَقَدْنَاهُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَالْفَجْرِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، فَمِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَهُوَ ضَرِيرٌ: لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً، فَإِذَا كَانَ الْأَعْمَى كَذَلِكَ، لَا رُخْصَةَ لَهُ، فَالْبَصِيرُ أَوْلَى بِأَنْ لَا تَكُونَ لَهُ رُخْصَةٌ، وَفِي اهْتِمَامِهِ بِأَنْ يُحَرِّقَ عَلَى قَوْمٍ تَخَلَّفُوا عَنِ الصَّلَاةِ بُيُوتَهُمْ أَبْيَنُ الْبَيَانِ عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ الْجَمَاعَةِ، إِذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُحَرِّقَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَخَلَّفَ عَلَى نَدْبٍ، وَعَمَّا لَيْسَ بِفَرْضٍ، وَيُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ.
1897- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا شُعْبَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ الْمُحَارِبِيِّ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ بَعْدَمَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَمَّا هَذَا، فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ الْمَرْءُ مُخَيَّرًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ إِتْيَانِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْضِيَ مَنْ تَخَلَّفَ عَمَّا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْضُرَهُ، وَلَمَّا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْخَوْفِ، دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي حَالِ الْأَمْنِ أَوْجَبُ، قَالَ اللهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} [النساء: 102] الْآيَةَ، فَفِي أَمْرِ اللهِ بِإِقَامَةِ الْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْخَوْفِ دَلِيلٌ بَيِّنٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِي حَالِ الْأَمْنِ أَوْجَبِ، وَالْأَخْبَارُ الْمَذْكُورَةُ فِي أَبْوَابِ الرُّخْصَةِ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجَمَاعَةِ لِأَصْحَابِ الْعُذْرِ تَدُلُّ عَلَى فَرْضِ الْجَمَاعَةِ عَلَى مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، إِذْ لَوْ كَانَ حَالُ الْعُذْرِ، وَغَيْرُ حَالِ الْعُذْرِ سَوَاءً، لَمْ يَكُنْ لِلتَّرْخِيصِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا فِي أَبْوَابِ الْعُذْرِ مَعْنًى، وَدَلَّ عَلَى تَأْكِيدِ أَمْرِ الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
1898- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْفَعُهُ قَالَ: «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ وَكِيعٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرَ مَرْفُوعٍ، وَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَمَّنْ بَعْدَهُمْ مِنَ التَّابِعِينَ تَدُلُّ عَلَى تَأْكِيدِ أَمْرِ الْجَمَاعَةِ، وَذَمِّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا. رُوِّينَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يَأْتِهِ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُ رَأْسَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ، وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يُجِبْ لَمْ يُرِدْ خَيْرًا، وَلَمْ يُرَدْ بِهِ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ تَمْتَلِئَ أُذُنَا ابْنِ آدَمَ رَصَاصًا عَذَابًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ الْمُنَادِيَ، ثُمَّ لَا يُجِيبَهُ، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ لَا يَشْهَدُ جُمُعَةً، وَلَا جَمَاعَةً، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ فِي النَّارِ.
1899- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
1900- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ، ثُمَّ لَمْ يُجِبْهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
1901- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يَأْتِهِ، لَمْ تُجَاوِزْ صَلَاتُهُ رَأْسَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ.
1902- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، أَظُنُّهُ عَنْ رَجُلٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْهِلَالِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، ثُمَّ لَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
1903- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طِهْمَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، فَلَمْ يُجِبْ، فَلَمْ يُرِدْ خَيْرًا، وَلَمْ يُرَدْ لَهُ.
1904- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، مِنْ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ، فَلَمْ يُجِبْ، وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ.
1905- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: ثنا وَكِيعٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُضَيْرٍ، عَنْ أَبِي نَجِيحٍ الْمَكِّيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَأَنْ يَمْتَلِئَ أُذُنَا ابْنِ آدَمَ رَصَاصًا عَذَابًا، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ الْمُنَادِيَ، ثُمَّ لَا يُجِيبَهُ.
1906- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: رَجُلٌ يَصُومُ النَّهَارَ، وَيَقُومُ اللَّيْلَ، لَا يَشْهَدُ جُمُعَةً، وَلَا جَمَاعَةً أَيْنَ هُوَ؟، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ فِي النَّارِ، ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هُوَ فِي النَّارِ، قَالَ: فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ لَيَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَيَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ فِي النَّارِ.
1907- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: فَقِيلَ لِعَلِيٍّ: وَمَنْ جَارُ الْمَسْجِدِ؟، قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ: لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ فِي الْحَضَرِ، وَالْقَرْيَةِ رُخْصَةٌ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ فِي أَنْ يَدَعَ الصَّلَاةَ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا طَاعَةَ لِلْوَالِدَيْنِ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ، وَالْجَمَاعَاتِ، سَمِعَ النِّدَاءَ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْ، وَقَالَ أَحْمَدُ فِيمَنْ عُلِمَ يَتَخَلَّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ، أَيْ: رَجُلُ سُوءٍ، وَكَانَ أَبُو ثَوْرٍ يَقُولُ: الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ وَاجِبَةٌ، لَا يَسَعُ أَحَدًا تَرْكُهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ تَعَذَّرَ بِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: ذَكَرَ اللهُ الْأَذَانَ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 58] الْآيَةَ، وَقَالَ: وَ{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ} [الجمعة: 9] الْآيَةَ، وَسَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ لِلصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ، فَأَشْبَهَ مَا وَصَفْتُ أَنْ لَا يَحِلُّ تَرْكُ أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ مَكْتُوبَةٍ فِي جَمَاعَةٍ، حَتَّى لَا يُخَلَّى جَمَاعَةٌ مُقِيمُونَ، وَلَا مُسَافِرُونَ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِمْ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ، فَلَا أُرَخِّصُ لِمَنْ قَدُرُ عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي تَرْكِ إِتْيَانِهَا إِلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَإِنْ تَخَلَّفَ أَحَدٌ، فَصَلَّاهَا مُنْفَرِدًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَتُهَا صَلَّاهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْدَهَا، إِلَّا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ عَلَى مَنْ صَلَّاهَا ظُهْرًا قَبْلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَعَادَهَا؛ لِأَنَّ إِتْيَانَهَا فَرْضٌ، وَاللهُ أَعْلَمُ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَفِي ذَمِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَغَيْرِهِمُ الْمُتَخَلِّفَ عَنْ حُضُورِ الْجَمَاعَاتِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ مَعَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: كُنَّا مَنْ فَقَدْنَاهُ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَالْفَجْرِ أَسَأْنَا بِهِ الظَّنَّ، وَقَوْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا، وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ، بَيَانُ مَا قُلْنَاهُ، وَلَوْ كَانَ حُضُورُ الْجَمَاعَاتِ نَدْبًا مَا لَحِقَ الْمُتَخَلِّفَ عَنْهَا ذَمٌّ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

.جِمَاعُ الْخِصَالِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا يُسَعُ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَاتِ:

قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَرِضَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ وَلَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَجْلِ الْمَرَضِ.
1908- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: صَلَّى رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ شَاكٍ، فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى خَلْفَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ، فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ، فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا، فَصَلُّوا جُلُوسًا».
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنِ الْجَمَاعَةِ مِنْ أَجْلِ الْمَرَضِ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَجْمَعَ فِي مَنْزِلِهِ جَمَاعَةً إِذَا لَمْ يَجِدِ السَّبِيلَ إِلَى حُضُورِ الْمَسْجِدِ، وَعَلَى أَنَّ الْإِيمَاءَ إِذَا فُهِمَ عَنِ الْمُوِمِئِ يَقُومُ مَقَامَ الْكَلَامِ، اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْهَمَ النَّاسَ بِالْإِيمَاءِ لِلْجُلُوسِ، فَفَهِمُوا عَنْهُ مَا أَرَادَ، وَجَلَسُوا، وَكُلُّ مَنْ أَوْمَى بِإِيمَاءٍ فَفُهِمَ عَنْهُ لَزِمَهُ مَا أَوْمَى بِهِ، وَفُهِمَ عَنْهُ، وَيَجِبُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ فِي كَثِيرٍ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ، وَاللهُ أَعْلَمُ.

.الرُّخْصَةُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ حُضُورِ الْعَشَاءِ:

1909- أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا قُرِّبَ الْعَشَاءُ، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ». وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَمِمَّنْ كَانَ مَذْهَبُهُ الْقَوْلَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ. وَقَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: كُنْتُ مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَرِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى طَعَامٍ، فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَقُمْتُ، فَقَالُوا: أَفُتْيَا عِرَاقِيَّةٌ؟ وَمَنَعُونِي.
وَرُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ لِلْمُؤَذِّنِ: لَا تُعَجِّلْ بِالْإِقَامَةِ، لَا نقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَفِي أَنْفُسِنَا مِنْهُ شَيْءٌ.
1910- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَلٍّ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَبِي طَلْحَةَ، وَرِجَالٍ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى طَعَامٍ، فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَقُمْتُ، فَقَالُوا: أَفُتْيَا عِرَاقِيَّةٌ؟ وَمَنَعُونِي.
1911- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: ثنا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبْسِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَسَارُ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَأْمُرُنَا: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ، وَالطَّعَامُ، فَابْدَءُوا بِالطَّعَامِ.
1912- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: ثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عِيَاضٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ كَانَ يُقَرَّبُ إِلَيْهِ عَشَاؤُهُ، فَيَسْمَعُ الْإِقَامَةَ، وَهُوَ يَتَعَشَّى، فَلَا يُعَجِّلُ عَنْ عَشَائِهِ، حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ.
1913- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ، عَنْ زِيَادٍ، أَوْ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكِلَاهُمَا يَأْكُلَانِ طَعَامًا فِي التَّنُّورِ سَوَاءً، فَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تُعَجِّلْ بِالْإِقَامَةِ، لَا نَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ، وَفِي أَنْفُسِنَا مِنْهُ شَيْءٌ. وَمِمَّنْ كَانَ مَذْهَبُهُ الْقَوْلَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ: سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَقَدْ كَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ: أَمَّا إِذَا لَمْ يُصِبْ مِنْهُ شَيْئًا، فَلَا يَقُومُ، وَإِمَّا إِذَا أَصَابَ مِنْهُ، فَعَلَى حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دُعِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ، فَأَلْقَى السِّكِّينَ.
وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ: أَكْرَهُ أَنْ يَبْدَأَ الرَّجُلُ فِي طَعَامِهِ بِحَضْرَةِ الصَّلَاةِ، وَأَرَى أَنْ يَبْدَأَ بِالصَّلَاةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ طَعَامًا خَفِيفًا مِثْلَ شُرْبَةِ السَّوِيقِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الطَّعَامِ.
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: وَإِذَا حَضَرَ عَشَاءُ الصَّائِمِ، أَوِ الْمُفْطِرِ، أَوْ طَعَامُهُ، وَبِهِ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، أَرْخَصْتُ لَهُ فِي تَرْكِ إِتْيَانِ الْجَمَاعَةِ، وَأَنْ يَبْدَأَ بِطَعَامِهِ إِذَا كَانَتْ نَفْسُهُ شَدِيدَةَ التَّوَقَانِ إِلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ نَفْسُهُ شَدِيدَةَ التَّوَقَانِ إِلَيْهِ تَرَكَ الْعَشَاءَ، وَإِتْيَانُ الصَّلَاةِ أَحَبُّ إِلَيَّ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بِظَاهِرِ حَدِيثِ رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَقُولُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ الرَّاوِي لِلْحَدِيثِ يَسْتَعْمِلُهُ.
1914- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ أَحْيَانًا نَلْقَاهُ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَيُقَدَّمُ لَهُ الْعَشَاءُ، وَقَدْ نُودِيَ بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ تُقَامُ، وَهُوَ يَسْمَعُ فَلَا يَتْرُكُ عَشَاءَهُ، وَلَا يُعَجِّلُ، حَتَّى يَقْضِيَ عَشَاءَهُ، ثُمَّ يَخْرُجَ، فَيُصَلِّيَ، وَيَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «لَا تُعَجِّلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ، إِذَا قُدِّمَ إِلَيْكُمْ».